الخميس، 26 يوليو 2012

الأحمدي يتذكر:#الفقر أجبرني على الرحيل.. وكنا نحتمي بأشجار التين من #البرد



الحديث مع كبار السن حديث ذو شجون مليء بتجارب الحياة وقسوتها.. حلوها ومرها لاسيما أولئك الرجال العصاميين الذين نحتوا الصخر بأناملهم وشقوا الصحراء القاحلة بأرجلهم الحافية وعاشوا ضنك العيش لكنهم عاشوا سعداء.
ومن أولئك السعداء العم حامد بن محمد بن حميد الأحمدي أحد الرجال المعمرين -97عامًا - الذين عاصروا الحرب العالمية الثانية ودفعته ظروف المعيشة الصعبة والفقر المدقع السفر إلى دولة فلسطين سيرًا على أقدامهم بحثًا عن الرزق في بلاد الله الواسعة حيث سار آلاف الكيلوات متر وتعرض لمخاطر الموت ليبقى أبناؤه على قيد الحياة ولا يموتون جوعا.. الكثير من المواقف والبطولات والمغامرات في هذا الحوار مع العم حامد بن حميد الأحمدي.
*متى كانت رحلتكم لفلسطين ومن أين بدأت وما هو الهدف منها؟.
- كانت في عام 1360هـ بهدف البحث عما نقتات منه ونصرف على أسرنا حيث وافق ذلك الزمن الحرب العالمية الثانية وما منيت به الجزيرة العربية من جوع وفقر كبير نتيجة الحصار على الموانئ وكان ذلك في بداية تأسيس اقتصاد المملكة العربية السعودية ونحن بدو من سكان بادية منطقة المدينة المنورة في قرى (طاشا) التابعة لمحافظة بدر حاليًا.
وسمعنا أنه توجد في مدينة العقبة فرص عمل لدى شركات أجنبية تعمل في هذه المدينة ولذلك عقدنا العزم نحن مجموعة من أفراد قبيلة الاحامدة من حرب وعددنا (25) فردًا أن نسافر للعقبة سيرًا على الأقدام للبحث عن عمل لدى تلك الشركات.

أمير الرحلة
*الم ينفد طعامكم وشرابكم خلال تلك الرحلة الطويلة، وكيف تتفادون ذلك؟.
كان معنا دليل سبق وان سافر في ذلك الطريق وهو يدعي نصار بن مصلح الأحمدي -يرحمه الله- الذي جعلناه أميرا علينا وهو الذي يقرر متى نستريح ومتى نرحل وكم من الماء والزاد يكفينا من بلدة لأخرى ومن موارد الماء إلى الأسواق التي نتزود منها بالطعام وموارد المياه التي نتزود منها بالماء الذي تقوم بتعبئة في القرب التي نحملها على ظهورنا.
*ومتى وصلتم العقبة وهل واجهتكم صعوبات في الدخول إليها خاصة أنكم لا تحملون جوازات سفر أو وثائق رسمية تعرف بكم وجنسياتكم؟.
-وصلنا المركز الأمني في العقبة قبيل الظهر وكان فيه جنود أمن مع رئيسهم برتبة ضابط وكان أثر التعب والجوع باديا على أجسامنا وقال لنا رئيس المركز «تقهووا أول شيء» ثم اذهبوا لبركة الماء وغسلوا أنفسكم ووجهكم وأجسادكم وبعدين تعالوا تقهووا ومن ثم نتفاهم معكم وفعلًا ذهبنا للبركة وغسلنا وصلينا الظهر وضيفونا بالقهوة العربية.
وقال لنا رئيس المركز من أين أتيتم يا أزلام فاجابه أميرنا في الرحلة أتينا من العقبة.. قال رئيس المركز العقباوي يقوم واقفًا وهنا دخلتنا الحيرة وبحثنا عن مخرج من هذه الورطة.. وهنا تدارك الوضع العم نصار وقال: «لا نحن نمزح ما حنا عقباويين نحن سعوديون من اهل الحجاز أتينا نبحث عن عمل في الشركات التي تعمل في العقبة».
وهنا ضحك رئيس المركز وقال هذا هو الصحيح وأمر احد الجنود بان يذهب للمستودع ويملأ صحنا كبيرا من الدقيق ويأتي به إلينا وقال توزعوه بينكم واحملوه معكم وادخلوا إلى العقبة واعملوا منه غداكم وفرحنا كثيرًا بهذا الكرم الكبير. 

الدخول لفلسطين
*وهل وجدتم عملًا في الشركات العاملة في العقبة؟.
-للأسف وجدنا الشركات قد أنهت أعمالها وذهبت لأعمال أخرى في شمال فلسطين ولذلك قررنا الذهاب لها في فلسطين وواصلنا رحلتنا وكنا نسير في محاذاة البحر الميت وبالقرب من البحر وجدنا «كامب» فيه أعمال.. ومن المفاجأة أننا وجدنا أحد الجماعة وهو عياد الأحمدي يعمل في هذا الكامب وكان يوجد فيه مطبخ مخصص لوجبات العمال العاملين وقام عياد بجمع جميع فطور العمال الموجود في المطبخ وقدمه لنا وترك العمال بدون فطور خاصة ونحن (25) رجلًا وعندما احتجوا العمال على ذلك قال لهم: هؤلاء ضيوفي ولابد أن أكرمهم وهم ضيفوكم أيضا وأفطرنا على مائدة كبيرة لأول مرة. 

الانقطاع عن الأهل
*كم المدة التي أمضيتموها في العمل في فلسطين وهل كان هناك تواصل بينكم وأهلكم في المملكة؟.
-أمضينا حوالي سنتين في فلسطين وكان لا يوجد تواصل بيننا وبين أهلنا حيث لا رسائل ولا هواتف ولا نعلم عنهم شيئًا وكنا نفكر ليلًا ونهارا فيهم هل هم أحياء أم أموات.
*وماذا عن رحلة العودة إلى السعودية وماهي الصعوبات التي واجهتكم؟.
-لقدنا عدنا عن طريق الأردن وتحديدًا حيث وصلنا لمدينة معان الأردنية وكنا في فترة عيد الأضحى المبارك وقد نصحونا الإخوان الأردنيون بالا نسافر إلى السعودية خلال أيام العيد لان هناك قطاع طرق ينشطون خلال هذه الفترة لخلو الطريق من المسافرين ويعتدون عليهم ويقتلونهم ويسلبون أموالهم ولذلك سمعنا نصيحتهم وقمنا باستئجار غرفة في الأردن حتى انتهاء العيد ثم توكلنا على الله وبدأنا رحلة العودة وسلمنا الله من قطاع الطرق ومن السباع المفترسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق